رسالة الرئيس التنفيذي
الرئيس التنفيذي لشركة بلدنا

في عامها السادس، استطاعت شركة “بلدنا” أن تسهم إسهامًا فعالًا في تحقيق الأمن الغذائي لدولة قطر، محققة بذلك عوائد مالية واعدة. وقد أتت هذه النتائج المميزة ثمرةً لجهود الشركة الحثيثة في تقديم منتجات وخدمات ذات جودة عالية، مما يعكس قوة نموذج عملها المتكامل. ولا يزال التزام “بلدنا” بدعم الاكتفاء الذاتي لدولة قطر يمثل حجر الأساس لنموها المستمر وتنوع أعمالها.
وانطلاقًا من خبراتنا المتميزة وعملياتنا المتكاملة في السوق المحلية، خطونا خلال العام خطوات حاسمة لدفع عجلة النمو نحو آفاق جديدة وأسواق واعدة تتجاوز حدود الوطن. وكان من أبرز هذه الإنجازات إعلان تأسيس شركة “بلدنا والجزائر”، التي ستتولى قيادة مشروعنا المتكامل في قطاع الألبان بالجزائر، بقيمة استثمارية تبلغ 3.5 مليار دولار أمريكي.
إيرادات قياسية وكفاءة عالية في التكاليف
ارتقت “بلدنا” في عام 2024 إلى مستوى جديد من الإنجاز، متجاوزة الأهداف الطموحة التي وضعتها استنادًا إلى نجاحات العام الماضي. حيث حققت الشركة نموًا ملحوظًا في الإيرادات والأرباح، مما عزز مكانتها وقيمتها لدى مستثمريها. وقد سجلت الإيرادات ارتفاعًا استثنائيًا بنسبة 8% لتصل إلى 1.15 مليار ريال قطري، مقارنةً بـ1.06 مليار ريال قطري في العام السابق. وجاء هذا النمو مدفوعًا بأداء قوي عبر جميع قنوات البيع وفئات المنتجات، سواءً على أساس ربع سنوي أو سنوي. ويُعزى هذا النجاح إلى عوامل متعددة منها تعزيز الحصة السوقية في الفئات الرئيسية للمنتجات، و المساهمة الكبيرة لمبيعات شهر رمضان المبارك، واستضافة قطر لبطولة كأس آسيا للمرة السادسة، مما ساهم في رفع معدلات الاستهلاك والإقبال على المنتجات.
ومن الإنجازات البارزة، تعزيز الحصة السوقية إلى أعلى مستوياتها، إلى جانب زيادة قيمة العلامة التجارية بشكل ملحوظ. وقد ساهم الابتكار المستمر في تطوير المنتجات الحالية، فضلاً عن إطلاق 39 منتجًا جديدًا، في تعزيز الحصة السوقية الإجمالية، التي وصلت إلى 54.1% (مقارنةً بـ 53.5% في عام 2023)، وذلك عبر كافة الفئات الرئيسية، رغم المنافسة الشديدة مع الشركات المحلية والدولية. كما تمكنت الشركة من دخول أسواق الحليب والزبادي عالي البروتين، ووسعت محفظتها من الزبادي اليوناني بإضافة نكهات مبتكرة، فضلاً عن زيادة تنوع منتجات الجبن. وقد شهدت محفظة العصائر إعادة إطلاق متميزة في عام 2024، مع تغليف جديد ونكهات مبتكرة، كما تم إحياء مجموعة منتجات “عوافي” تحت شعار “جودة يومية، قيمة يومية”.
وفيما يتعلق بالتحكم في التكاليف، فقد استمر نظامنا في تحقيق نتائج إيجابية، حيث استفادت سلسلة القيمة بأكملها من تحسينات إضافية في الكفاءة. وتم خفض تكاليف التمويل من خلال إعادة التفاوض على الديون، مع الحفاظ على رقابة صارمة على نفقات الإدارة العامة. كما شهدت أسعار السلع الأولية تحسنًا ملحوظًا خلال عام 2024، مما أسهم بشكل إيجابي في الأداء العام للشركة.
أداءٌ ربحيٌّ رائدٌ في السوق
إلى جانب الأثر الإيجابي الذي أحدثته نتائجنا على الأداء النهائي، أسفرت نتائجنا التشغيلية القوية عن زيادة استثنائية في صافي الربح، حيث بلغ 185 مليون ريال قطري مقارنةً بـ 110 مليون ريال قطري في عام 2023، مدعومةً بالمكاسب القيمة التي تحققت من استثمارات الأسهم. ومن دواعي الفخر أن هامش ربحيتنا قد أصبح اليوم الأفضل بين نظرائنا في المنطقة.
تؤكد هذه النتائج المالية والتشغيلية المتميزة استمرار دورنا الريادي في بناء قطاع الإنتاج الغذائي المحلي في قطر، وتوفر لنا الأدوات والوسائل التي تعزز استراتيجيتنا الدولية، مما يسهم في تحقيق طموحاتنا المستقبلية وتعزيز حضورنا في الأسواق العالمية.
من قطر إلى العالم
تمكّنا في عام 2024 من تحقيق اتفاقية تاريخية مع الصندوق الوطني للاستثمار الجزائري، تهدف إلى الشراكة في تصدير نموذج “بلدنا” الناجح في مجالات الزراعة والإنتاج والتوزيع إلى خارج حدود دولة قطر.
ومن المقرر أن يُسهم هذا المشروع المشترك في إنشاء أكبر مزرعة ألبان متكاملة في العالم، تشمل الزراعة البعلية، ومزارع الألبان، ومرافق إنتاج حليب البودرة. ويبلغ حجم الاستثمار في هذا المشروع 3.5 مليار دولار أمريكي، حيث تمتلك فيه “بلدنا” 51% من أسهمه بينما يمتلك الصندوق الوطني للاستثمار الجزائري النسبة المتبقية. وقد بدأنا العمل في المشروع هذا العام، ومن المتوقع نقل أولى قطعان الماشية في بداية عام 2026، وبدء إنتاج الحليب في أوائل عام 2027.
وتسعى الجزائر، مثل قطر، إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال إنتاج الغذاء. ومن خلال هذه الشراكة مع “بلدنا”، تهدف الجزائر إلى تعزيز قدرتها على ضمان الأمن الغذائي. ومن المتوقع أن يُنتج المشروع المتكامل للألبان 194 ألف طن من حليب البودرة سنويًا، وهو ما يشكّل جزءًا كبيرًا من احتياجاتها المحلية من الألبان.
كما قامت “بلدنا”، بعد توقيع هذه الاتفاقية التاريخية، بتوقيع مذكرة تفاهم مع وزارة الصناعة والإنتاج الصيدلاني الجزائرية لاستكشاف جدوى مشروع لإنتاج حليب الأطفال، والذي سيدعم بدوره مشروع إنتاج حليب البودرة.
إن مشروع الجزائر يوفر قيمة كبيرة لمساهمينا، ونحن فخورون بكوننا الشريك المختار لهذا المشروع البيئي الضخم. وبناءً على نجاحنا الباهر في قطر، نحن على يقين أن هذا المشروع سيكون نموذجًا يُحتذى به للعديد من المشاريع الدولية المستقبلية. فمن خلال هذا النموذج المتكامل والناجح، يمكننا تلبية احتياجات الدول الأخرى التي تسعى إلى تعزيز استقلالها الغذائي، وبالتالي نرى في الأفق مجموعة واسعة من الفرص الواعدة لتحقيق القيمة من خلال الاستفادة من قدراتنا الفريدة في مواجهة التحديات العالمية للأمن الغذائي.
هدفنا الأسمى
رغم الآفاق الرحبة التي نتطلع إلى بلوغها في مسيرتنا نحو التوسع الدولي، يظل هدفنا الأسمى، هو ضمان الأمن الغذائي وتحقيق الاستقلالية الغذائية لدولة قطر. ومن هذا المنطلق، نُكرّس التزامنا الراسخ لتلبية احتياجات عملائنا المتجددة، ومواكبة تطلعات شركائنا وأصحاب المصلحة المتطورة، بينما نُهيئ أنفسنا لمستقبلٍ أكثر إشراقًا واستدامة.
إن ممارساتنا الزراعية تنبثق من منهجية مستدامة وشاملة ترتكز على رفاهية الثروة الحيوانية، باعتبارها محورًا أساسيًا لمنظومتنا. وأطلقنا خلال العام الجاري نظامًا دقيقًا لتسجيل أداء الماشية الصغيرة، مُستهدفين به تحسين صحة عجولنا وتعزيز إنتاجيتها منذ لحظة ميلادها الأولى. ومع اعتمادنا المتزايد على الأنظمة المتطورة القائمة على البيانات، أصبحنا أكثر حكمةً في اتخاذ قراراتٍ واعية تُسهم في استثمار الإمكانات الكامنة لكل عجل، لضمان تحقيق أقصى درجات الكفاءة والنمو. كما واصلنا تحسين منظومة التغذية، بحيث يتم تخصيصها بعناية وفقًا لعمر كل عجل وحجمه، مما يضمن نموه بشكلٍ متوازن ومثالي. ومن خلال توفير أفضل سبل التغذية لقطعاننا الصغيرة، نرسم معالم الطريق نحو تربية أبقار متفوقة عند مرحلة النضج، بما يُعزز ريادتنا ويُؤكد التزامنا ببناء منظومة زراعية تتسم بالاستدامة والابتكار، وترتقي بمكانتنا في مواجهة التحديات العالمية في هذا المجال.
تعزيز التكامل لرفع الكفاءة والجودة
شهدت عملياتنا تحولًا نوعيًا بفضل التكامل الأمثل لمرافق الإنتاج، إذ أضفت منشأتنا الصناعية الجديدة، بتكلفة استثمارية بلغت 450 مليون ريال قطري، ركيزة أساسية لبنية الأمن الغذائي في البلاد. وقد تمكنا بفضل هذه المنشأة من إنتاج الحليب المبخر والقشدة المعقمة محليًا، مما عزز من استقلالنا الغذائي.
بتطبيق أحدث التقنيات في التصنيع وتحسين العمليات، تمكنا من تعزيز الكفاءة والإنتاجية بشكل ملحوظ، حيث ساهمت المؤشرات الجديدة في تحقيق قفزات نوعية في الأداء. وقد أثمرت هذه الجهود المتكاملة عن نمو كبير في حجم الإنتاج مقارنة بالعام الماضي.
نمو مبيعاتنا وتوسع آفاقنا التسويقية
شهد عام 2024 نموًا ملحوظًا في مبيعاتنا عبر مختلف القنوات، مدفوعًا بحملاتنا التسويقية المبتكرة خلال شهر رمضان المبارك، والاستفادة من الزخم السياحي الذي شهدته الدولة خلال استضافة بطولة كأس آسيا.
وقد لعب شركاؤنا الاستراتيجيون دورًا محوريًا في تحقيق هذه النجاحات، حيث ساهمت شراكتنا الوثيقة مع الخطوط الجوية القطرية في فتح آفاق جديدة أمامنا، وزادت من حجم مبيعاتنا. كما جددنا شراكتنا الاستراتيجية مع “ودام الغذائية” لمدة ثلاث سنوات، وعززنا التعاون مع شركاء آخرين مثل شركة “بيل جروب”، مما ساهم في تعزيز موقعنا في السوق المحلية. ولتأكيد مكانتنا الرائدة، حصلنا على مناقصة حكومية بقيمة 100 مليون ريال قطري لتوريد الحليب المبخر، والتي ستبدأ في يناير 2025 لمدة اثني عشر شهرًا.
لبّينا متطلبات السوق في عام 2024 بعد تطبيق أنظمة متقدمة لإدارة المخزون وتوفير نظام دعم الطلبات. وفي إطار تحسين استراتيجية الوصول إلى السوق، ارتفعت حجم المبيعات دون الحاجة إلى موارد إضافية، مما عزّز كفاءة العمليات وقلّل من تأثيرنا البيئي.
نحو بناء مستقبل مستدام
انطلاقًا من التزامنا الراسخ بمسؤوليتنا الاجتماعية كشركة ريادية في قطاع الأعمال الزراعية، نضع الاستدامة البيئية في صميم أولوياتنا. ونسعى بلا كلل إلى استكشاف تقنيات وأساليب مبتكرة تهدف إلى ترشيد استخدام الموارد غير المتجددة، مما يعكس حرصنا على تحقيق التوازن بين متطلبات الحاضر واحتياجات المستقبل. وقد أحرزنا تقدمًا لافتًا في عام 2024 فيما يخص تحسين نظم إدارة المياه والمخلفات، حيث تبنينا نهجًا متكاملًا يعتمد على مفهوم الاقتصاد الدائري، مما أتاح لنا تحويل النفايات إلى موارد قيّمة. وتتماشى هذه الجهود مع رؤية قطر الوطنية 2030، وتؤكد التزامنا بتحقيق أهداف الاستدامة طويلة الأجل.
كما نجحنا خلال العام في تقليل الفاقد الناتج عن العمليات (LIP)، وذلك بفضل اعتماد الأتمتة الحديثة، وتحسين إدارة الموارد، واستخدام تقنيات متطورة لتحسين التخطيط، وإدارة الوصفات، وضبط الجودة.
بناء منظومة مواهب متفردة
شرعنا في عام 2023 في إطلاق هيكل تنظيمي جديد أتاح لنا تبسيط العمليات وتعزيز مرونة الأداء، مما أثمر عن تحقيق نتائج ملموسة تنسجم مع أهدافنا.
وواصلنا في عام 2024 مساعينا نحو تطوير منظومتنا البشرية عبر إعادة هيكلة شاملة، مدعومة بتحسينات نوعية في العمليات والتكنولوجيا، صُمّمت خصيصًا لصقل فريق عمل يتميز بالقدرة على التكيف والابتكار، بما يواكب طموحاتنا المستقبلية. وانسجامًا مع هذه التحولات، أطلقنا برامج تدريبية مكثفة وهادفة لتأهيل موظفينا ودعمهم في التأقلم مع التغييرات الجديدة، وضمان تزويدهم بالمهارات والمعارف التي تعزز من نجاحهم في أدوارهم الجديدة. وقد أثمرت هذه الجهود عن بناء منظومة مواهب متفردة تتسم بالكفاءة، وروح التعاون، والقدرة على تجسيد رؤيتنا الاستراتيجية وتحقيقها على أرض الواقع.
نحو آفاق أرحب في عام 2025
بعد عامٍ حافل بالإنجازات والازدهار في 2024، نستقبل العام المقبل بتفاؤلٍ وشغف، مستندين إلى مشروعنا الطموح في الجزائر، الذي يمثل نقطة انطلاقٍ نحو آفاقٍ جديدة. ففي الأشهر المقبلة، سنبدأ بزراعة المحاصيل، وتشييد البنية التحتية، وبناء مرافق التصنيع، إلى جانب تحديد الشركاء الاستراتيجيين الرئيسيين، الذين سيشكلون ركائز هذا المشروع العملاق.
وسنسعى، بعزمٍ لا يلين، لاستكشاف مزيدٍ من الفرص الواعدة على الساحة الدولية، مع تعزيز مكانتنا الريادية في السوق القطرية. وسنظل متمسكين باستراتيجيتنا القائمة على تحسين الكفاءة التشغيلية، ورفع جودة المنتجات، والابتكار المستمر، الذي يشكل حجر الأساس لرؤيتنا الطموحة.
التقدير والامتنان
أغتنم هذه الفرصة لأعرب عن أعمق مشاعر الامتنان لرئيس مجلس الإدارة وأعضاء المجلس الموقرين على دعمهم المتواصل ورؤيتهم الثاقبة التي أضاءت لنا درب النجاح خلال عام 2024. كما أتوجه بخالص الشكر والتقدير لفريق عمل “بلدنا” الذي أبدى تفانيًا استثنائيًا وجهودًا دؤوبة كانت العمود الفقري لإنجازاتنا المتحققة.
ونحن ممتنون ثقةً ودعمًا للمساهمين والشركاء، وأهم من ذلك، لعملائنا الأعزاء، الذين كانوا ولا يزالون مصدر إلهامنا ودافعنا نحو المضي قدمًا. إنه لشرفٌ لنا أن نعمل جنبًا إلى جنب لبناء مستقبلٍ مستدام لدولة قطر، وأن نوسع آفاقنا نحو أسواقٍ جديدة وفرصٍ واعدة.